أسامة جلال يكتب.. تعويم الجنيه.. وغرق المواطن

 

أسامة جلال يكتب.. تعويم الجنيه.. وغرق المواطن

 

#الدولار #الجنيه #تعويم #غرق #أسامة #أسامة_جلال #البنوك #صندوق_النكد_الدولي

في نهايات اكتوبر الماضي اتخذت الحكومة المصرية قرارا جريئا بتعويم الجنيه المصري.. ليواجه مصيره أمام الدولار.. تلك العملة الخضراء التي باتت حديث العالم ليل نهار وتتحكم في اقتصاده ليس في مصر فقط وإنما في دول العالم أجمع مع الفارق في أهمية وشدة الاهتمام.

وعندما تركت الحكومة الجنيه ليعوم دون إمداده بأي وسائل إنقاذ أو حتى سترة نجاه مهترئة ونظرا لكون الجنيه لم يتعلم السباحة ولم تكن عائلته مشتركة في ناد به حمامات سباحة.. ولم يولد أو ينشأ في بلد ساحلي يتعلم فيها العوم عنوة.. ولأن الجنيه كائن بري بالفطرة فقد فشل الجنيه في السباحة وهو يصرخ حاليا بأعلى صوته.. الحقوني.. الحقوني.

الجنيه.. هذا الكائن الذي نلهث جميعا للحصول عليه كوسيلة وليس غاية.. يعوم للأسفل ساحبا معه المواطن الذي يغرق رويدا رويدا مع زيادة التضخم وارتفاع أسعار السلع الأساسية والمهمة التي لا يستغنى عنها أي كائن حي.

وإن كانت توقعات لجهات معتبرة أفادت بأن الدولار سيصل إلى 25 جنيها مع نهاية العام الحالي 2022 منها بلومبيرج ورويترز نقلا عن محللين ماليين واقتصاديين عالميين.. إلا أن الجنيه أبى إلا أن يظهر هؤلاء العلماء بمظهر الهواة المدعين.. فالدولار الآن اختفى في ظروف غير غامضة والجنيه مازال يحاول العوم والمواطن يزداد غرقا ونزولا إلى القاع.

الحديث عن الدولار المطلوب في السوق السوداء الآن أنه وصل إلى ما فوق ال 30 جنيها.. ونحن نترقب ما سيحدث هذا الاسبوع بعد اجتماع البنك الفيدرالي الامريكي ورفعه لسعر الفائدة بعدة نقاط ربما.. وأيضا ما سيتخذه البنك المركزي المصري من قرارات لرفع الفائدة على الودائع والقروض وغيرها.

وبهذا يكون الجنيه الذي فشل في العوم وخسر نحو 50 في المئة من قيمته خلال أسابيع ينتظر الانقاذ الذي ربما يأتي خلال أيام متمثلا في 750 مليون دولار كدفعة أولى من القرض الدولي الذي اتفقت عليه الحكومة والبالغ قيمته الاجمالية 3 مليار دولار على دفعات متفرقة شريطة الالتزام بما يفرضه علينا صندوق (النكد) الدولي.

باختصار يا سادة المواطن يغرق والجنيه لا يعرف العوم.. نحن نغرق مع انخفاض قيمة مدخراتنا في البنوك والتي يعيش كثيرون على فوائدها التي لن تزيد بنفس حجم التضخم حتى وإن رفعت البنوك المصرية الفائدة على الودائع ولعدة أسباب أخرى أبرزها أنك لن تستطيع فك الودائع بنسب الفوائد القديمة إلا إذا خسرت مبلغا معتبرا حتى تستطيع أن تحررها ومن ثم تودعها من جديد بسعر الفائدة الجديد.

الحل وهو ليس إبداعا أو يصدر عن مفكر عبقري.. الحل في الانتاج.. الحل في الزراعة والصناعة والتجارة مع الدول الأخرى.. الحل في العمل.. في التنظيم وفي الإدارة.. أعرف أن الجميع يعلم ذلك جيدا.. ولكن ما ينقصنا هو الإرادة وما يزيد الطين بله ذلك الاستسهال والاعتماد على أي ضرائب ارهقت كاهل المواطن أو ودائع خارجية أو قروض وقتيه ترقيعية لتمر المرحلة ليس إلا.. ولنقع في مأزق جديد أكبر وأشرس وأوجع.

عام الجنيه وغرق المواطن.. ولا يسعنا إلا أن نقول.. اللهم استرنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض.

انتجوا.. اعملوا.. ازرعوا.. اصنعوا.. تاجروا.. وقدموا خدمات متميزة.. ربما نلحق ليس ما فات.. ولكن نلحق بالمواطن قبل أن يغرق تماما ويشبع غرق.

اللهم بلغت.. اللهم فاشهد.

تعليقات

إرسال تعليق