(البوسة والحضن).. بقلم/ أسامة جلال

 

(البوسة والحضن)

بقلم/ أسامة جلال

 


سنوات الغربة التي قضيتها والممتدة لنحو 25 عاما جعلت في قلبي حنين لكل ما في الوطن.. شوارع.. مبان.. ميادين.. أماكن كان لنا فيها ذكريات.. بشر على اختلاف شرائحهم.. وطبعا الأهل والأحباب.. أصدقاء الماضي.. دراسة وعمل.. كل هؤلاء أشعر إليهم بحنين لم أشعر بمثله من قبل.

ربما يكون ذلك لطول الفترة في البعد عن الوطن والانشغال بما نعانيه في حياتنا من أحداث خاصة وحتى عامة.. ربما يكون ذلك لعدم استطاعتي في الاجازات القصيرة الشبع من كل هذه الاماكن والبشر.

بالأمس وأيضا على مدار أشهر وأنا ألتقي أصدقاء قدامى مرت سنوات وأشهر على آخر مرة التقيتهم فيها.. أصدقاء قدامى جدا لنا نحو 30 سنة لم نلتق.. مجرد رسائل لا توفي بالغرض ولا تعوض الحرمان برؤية من تحب وجها لوجه.. هم بالطبع في القلب ولهم محبة ومعزة خاصة تجعلك متلهفا للقاء وجلسة تطول مع الحديث عن الذكريات والتحاور فيما هو آت.

حديث عن الأصدقاء المشتركين.. عن الحياة طول تلك الفترة الماضية.. الزوجة والأبناء.. وبالطبع لا يخلو الحديث عن البلد وعن الثورات وأخوان الإرهاب.. والسيسي.. المعارضة والمطبلين.. وأداء الحكومة.. إنجازات واخفاقات.. رؤية للمستقبل.. وبالطبع حديث عن الدول المحيطة.. واحوال الغربة والمغتربين.. والأكثر سخونة نواب الشعب.. والانتخابات وما جرى فيها.

مشاعر متلاحقة ومتزامنة ومتضادة تشعر بها وأنت تلتقي صديق قديم.. ابيض شعر رأسه.. وشاخت ملامحه وبدأت صحته في الاتجاه هبوطا.. أصدقاء توفاهم الله.. كم كنا محبين لهم رحلوا سريعا.. وآخرين ارتفع نجمهم للسماء وشريحة ثالثة هبطت إلى القاع.. وأخرى محلك سر لم تغير أو تتغير.

الفارق بشدة في هذه اللقاءات مع الأهل والأحبة والأصدقاء هو (البوسة والحضن).. فأنت تلتقي الصديق الذي لم تره من عشرات السنين وتكتفي بتحية عن بعد أو مصافحة بقبضة اليد أو الكوع.. وإن كنت جريئا وهو كذلك صافحك مصافحة كفا بكف.. يالها من مخاطرة في زمن الكورنا.. مصافحة يدا بيد؟!

هذا الأمر يحز في نفسي كثيرا.. هؤلاء أريد أن احضنهم وأبوسهم وأعانقهم لفترة.. (أطبطب) على أكتافهم أضع يدي على وجههم.. أشبع منهم ولو لدقيقة ولكن هيهات وكورونا تزداد ويطل علينا المتحور ونيباه وغيرها من مسميات الأمراض والفيروسات اللعينة.

حقيقة كم اتشوق لعناق وتقبيل كل هؤلاء.. والغريب أننا نعود إلى الغربة بشوق لمن نحبهم هناك وأيضا سلام من بعيد وربما يظل الجزء الأسفل من الوجه مخفيا وراء الكمامة.

اللهم يارب ارفع مقتك وغضبك عنا.. وأعدنا لما كنا فيه من نعمة لم نقدرها ولم نعرف قيمتها.. تسمى باختصار.. (البوسة والحضن).

 

 

تعليقات