لا تدفنوا الرؤوس.. العلاقات المصرية الكويتية ليست بخير.. بقلم/ أسامة جلال



لا تدفنوا الرؤوس.. العلاقات المصرية الكويتية ليست بخير

بقلم/ أسامة جلال

 

أكثر من 25 عاما من عمري وهي نصفه تقريبا قضيتها في الكويت كصحفي مصري (يعمل مقابل أجر).. تنقلت بين عدد من المؤسسات الصحفية منها الوطن والسياسة والدار ووكالة الأنباء الكويتية (كونا).. لمست عن قرب واحتكاك مباشر طيبة وشهامة معظم من تعاملت معهم.

ارتبطت بعلاقات وصداقة ومحبة مع كثيرين جدا من معظم عائلات الكويت.. بل أن لي أقرباء من الدرجة الثانية والثالثة والرابعة من الكويتيين عددهم كبير جدا.. بيوتهم بيتي وحالهم حالي.. ما يؤلمني يؤلمهم وما يؤلمهم يؤلمني.. نلتقي دائما ولنا مواعيد معروفة اسبوعيا لا يؤخرنا عنها سوى السفر.

رجال ونساء من الكويت أحبهم في الله حبا جما.. يعرفون أنفسهم.. زملاء وزميلات لا يمكن نسيانهم فهم كالبلسم ومن أفضل من عاشرت في حياتي.. أحبهم والله حبا جما.. كنا نتناقش ونتحاور.. نختلف ونثور على بعضنا ولكن يظل الحب والعشرة.. نضحك من عبارات شهيرة أطلقها بعض الحاقدين.. (بص حضرتك – ما لي خلق).. لم أشعر بغربة في معظم السنوات التي قضيتها في الكويت بين أهلي وأحبابي وأصدقائي وزملائي.

إذا ما تعرضت لموقف تجدهم يسارعون للوقوف بجانبي.. وإذا ما كانت لدي مناسبة سعيدة تجدهم أول المهنئين.. كنت ومازلت وكانوا ومازالوا لهم مكانة في القلب عالية.. ولهم قدر من الحب والاحترام لا يوصف.

عندما نغادر الكويت لأيام يشدنا الحنين إليها.. بلد طيب.. لنا به من الذكريات ما يكفي لكتابة مؤلفات مفتوحة في عدد صفحاتها.. مرددين أغنية راشد الماجد الشهيرة (طاير من الفرحة طاير- وحشني شوف الكويت).

في الشارع الكويتي تجد المحبة والاحترام والرحمة للوافد المقيم والمصري خصوصا من معظم الناس.. فما الذي يحدث الآن؟؟!!

ورغم كل ما يحدث حاليا من تراشق بين الجانبين على السوشيال ميديا.. يطل علينا هذه الأيام بعض الساسة والنواب مؤكدين أن العلاقات المصرية الكويتية على أكمل وجه!! فهل هم بحكم بعدهم عن الشارع الآن وبحكم كونهم في البلد الآخر لا يعرفون.. أم أنهم يقولون ذلك من باب طمأنة الشعبين؟!

يا سادة لا تدفنوا رؤوسكم في الرمال.. العلاقات المصرية الكويتية على الأقل الشعبية وما نلمسه كشعب ليست كما كانت.. الشحن المتواصل من الطرفين والحرب الدائرة على السوشيال ميديا لا يمكن بأي حال تجاهلها.. فهذا الشحن هو الذي يخلق المشكلات والمواقف غير السوية بين الأفراد.

نعم أحداث فردية ولكنها نتيجة مخزون سلبي ونتيجة للشحن المتواصل من أخبار ملفقة وتصريحات عنصرية وتطاول بين الجانبين.. هذا يسب معتبرك خادم.. وهذا يظهر مع كلبه في مشهد مخزي.. وثالث يتوعد بصفع كل من يشاهده من البلد الآخر.. إنه جنون وقلة أدب وبعد عن الأخلاق والأعراف والأديان.

ما هذا المستوى المنحدر الذي وصلنا إليه.. معايرة وانحطاط وقاذورات تخرج من أفواه هؤلاء من الجانبين.. وفي النهاية من الطبيعي أن تجد الحوادث تتكرر واحدة تلو الأخرى.. بل وستستمر طالما أننا لا نواجه الموقف بمصداقية وطالما يطل الساسة والنواب علينا مؤكدين على غير الحقيقة أن الأمور بخير ومستقرة.

أي استقرار هذا الذي يتحدثون عنه.. وأي علاقات وثيقة تلك التي يتشدقون بها.. إنها تهتز وسيزداد الأمر سوءا طالما أننا لا نواجهه.. وطالما أننا لا نقطع ألسنة هؤلاء المرتزقة عبيد المؤامرات التي تحاك بالبلديين.. وطالما لا نوقف الجاهل عند حده ونشل يد العابث بعلاقاتنا التي من المفترض أنها تاريخية.

لا تدفنوا رؤوسكم يا سادة في الرمال وواجهوا العابثين بإجراءات كثيرة تستطيعون اتخاذها.. ابحثوا عن حلول وادعموا المبادرات الإيجابية.. واحسنوا إلى الأطراف في البلد الآخر حتى نعود كما كنا.

اللهم بلغت اللهم فاشهد.



تعليقات